الجمعة، مارس 27

قدر نور منطفئ.

                                                     Edvard MUNCH
                                                             Le Cri 1893


خالتي عاملة جنس. قضت معظم عمرها بين أسرة زبنائها.. إلى أن قررت طي الصفحة وبداية حياة جديدة. اختارت كبداية إنجاب طفلة كانت وحدها المسؤولة عنها، دور الأب اقتصر في ذلك الحيوان المنوي الذي استقر في رحمها. بذلت الغالي والنفيس لضمان مستقبل مشرق لتلك الزهرة التي كانت سبب خلاصها وإضاءة جحيم حياتها. "نور"، ملاك على هيئة إنسان درست في التعليم الخصوصي حرصا من أمها على تأمين مسار جيد لحياتها. كبرت الطفلة بين نموذج أم لازالت تحاول أن تتخلص من عقدها وتسعى لإبعاد ابنتها ما أمكن عن ذلك العالم المظلم.. وأب لا تربطها به إلا جينات ولقاءات موسمية.. لا مثال في المحيط القريب جدا يجعل من ضحية مجتمع جاهل طفلا سليما يحمل أحلاما كالزهور في سنه. نور أصبحت عاملة جنس في سن الخامسة عشر. إحباط لحلم أم ترى فلذة كبدها تعيد نفس المسار الذي دمر حياتها مرتين. يزيد الطين بلة حمل لم يكتشف حتى بلغ الجنين الشهر الرابع.. حادث غير متوقع يسبب إجهاضا بعد شهرين.
أغيب بضعة أشهر عن العائلة بسبب دراستي خارج المملكة لأعود واكتشف أن نور هاجرت للإمارات.. حلم كل عاملة جنس مغربية. أتذكر ذاك الوجه الفائق الجمال وذاك الجسد المنحوت، خلق مبدع مع لمسات إضافية خاصة، نظرا لعلاقة المومسات الحميمية جدا بالجسد. عدت للمغرب مرة أخرى في رحلة عمل، تفرغت لعملي يومين قبل أن أشغل رقم هاتفي بالمغرب، دقيقة بعد ذلك يتصل بي رقم محلي. صدفة غريبة إذ لا أحد يدري بتواجدي في المغرب. أجيب فيتسلل صوت نور إلى مسامعي.." :سلمى أنت ف المغرب؟ بغيت نشوفك ضروووري". أجبت أنني سأكون ببيت أسرتي بعد الثامنة مساء. أصل للبيت لأجد شبحا ينتظرني. جلباب يوحي على أن الشخص الذي يحمله فوق جسده الهزيل قضى معظم حياته متشردا يلقط دريهمات قرب مسجد الحي.. أعين ذابلة ووجه شاحب. "نور، مالك ياك لباس".. "شفتيهم أ أختي سلمة، شفتيهم، هاهوما هاهوما تابعيني من حدا الدار وطلعوا معايا حتال هنا". كانت تحدثني بخوف وتمسك بيدي بقوة. فهمت أنها تعاني من مشكل نفسي وجب التدخل عاجلا لمعالجته. اتصلت بعدة معالجين نفسيين قبل أن يرشدني أحدهم لطبيب نفسي لأن الأمر يحتاج لعلاج بالأدوية. ابنة خالتي تعاني من مرض الفصام وتحتاج لعلاج مطول وعناية خاصة. تطلب الأمر علاج خالتي أولا، حتى تقبل بدور الممرضة في البيت لا دور الأم. عدة حصص مع طبيب نفسي كانت كفيلة لسد الخلل. كنت قد قضيت وقتا مطولا بالمغرب لتتبع الأمر إلى أن بدى الوضع آمنا ثم غادرت أرض الوطن مجددا. عودتي بعد بضعة أشهر كانت تخفي لي مفاجئة سارة.. عادت المياه إلى مجاريها بشكل أفضل من السابق.. التقي سارة لتستشيرني في مستقبل تريد بناءه.. " سلمى ندير ليستيتيك ولا شنو بأن لك.. بغيت نقرا شي حاجة فهاد المجال ".. سعدت بما قالته وأجبت بكل طواعية: "ديري لي بغيتي، شوفي انت شنو عاجبك وأنا معاك، متفكريش فكل ماهو مادي بالخصوص وهاني معاك". عدت للبيت مسرورة بذاك الوجه التي استعاد بريقه وتلك المجهودات التي لم تذهب سدا.
ويا فرحة ما تمت. تتصل بي خالتي بعد أيام لتخبرني أن نور مريضة و تقطن بالمستشفى. أول سيارة أجرة تقلني لأجد خالتي في الانتظار. نور تعاني من مرض السيدا، جابتو من الإمارات. أحاول استيعاب الأمر بضع دقائق، ثم أكمل الحديث مع خالتي التي أخبرتني أنها علمت بالأمر من طرف ممرضة بالمستشفى. منذ متى كان الممرض من يخبر عائلة المريض بأنه حامل لمرض مماثل. المصيبة أن الأم وعن حسن نية قررت إخبار ابنتها بالمرض، ظنا منها أنها أفضل من يمكنه فعل ذلك. نور ما إن توصلت بالخبر، عادت كل السوابق النفسية التي عولجت مسبقا لتطفو على سطح الواقع. لدرجة اختفاءها يومين قبل أن توجد نائمة بداخل خزانة بالمستشفى. سألت خالتي عن الغرفة التي تتواجد بها نور لتدلني إليها. تدخل خالتي دون قناع واق. "اجي فين غادية.. ياك قلتي لي عندها مرض فالرية وكتكحب مكتديري والو على نيفك وفمك قبل ما تدخلي؟". تجيبني خالتي بكل براءة أو لنقل جهل "لا، مافراسيش علاش؟". أخرج من المستشفى وكل أسئلة العالم تشغلني..كنا نعالج المرض النفسي في الوقت الذي كان المرض العضوي يتفاقم شيئا فشيئا. ثم كيف نعالج مريضا دون السؤال حتى عن سوابقه لأخذها بعين الاعتبار. اشتريت علبة أقنعة واقية وعدت للمستشفى.
وجدت نور في حالة مزيرة. كنت أتساءل ما سيكون دوري للتخفيف من هذه المعاناة التي تجر العائلة بأسرها إلى حالة من القلق والخوف والتذمر. رئيسة المصلحة هنا بالمستشفى من معارفي، لكن مبادئي ضد المحسوبية والزبونية وإيماني بكون أي مواطن يجب أن يتلقى المعاملة الحسنة داخل المستشفى بغض النظر عن أصله وفصله ومعارفه حال دون ذلك. ذهبت الجمعية المغربية لمحاربة داء السيدا ليخبروني بوجود فرع لهم داخل المستشفى.. فرع للجمعية لا يشرف على المرضى ولا يتتبع حالتهم إلا حين الاتصال بهم. طلبت من المساعدة الاجتماعية هناك أن تأتي لمعاينة حال نور، حتى تخبرنا كعائلة للمريض عن دورنا في علاجه. تأتي بعد أيام وتكتفي بملاحظة المريضة وإسداء بعض النصائح المبهمة. أتساءل مجددا إن كانت وظيفة المساعدة الاجتماعية تتطلب جهدا وإيمانا بالقضية التي تساهم في علاجها أم أنها موظفة تأتي في الوقت الذي تشاء لتتلفظ ببضع كلمات وتنسحب في صمت. آخر ورقة كانت في ملعبي أن تواصلت بالطبيب المعالج بغض النظر عن كل الأخطاء التي تم ارتكابها. أخبرته أنني من عائلة المريضة وأن لدي دراية ووعي بحجم المشكل وأنني أناقش بكل واقعية وأطلب أن يرشدني ويدلني على دوري كممثلة عن عائلة المريض، كيف يمكنني المساهمة في العلاج بأي وسيلة ممكنة.. ما دوري للتخفيف عن معاناة المريض ومساعدة الطبيب. أخبرني أن الحالة ستتحسن وأنه لا داعي للقلق وأن الوضعية مستقرة والمستقبل ينبئ بحال أفضل أكيد. كنت أناقش بعيدا عن العاطفة وأتوسل منه أن يخبرني بالتطور المتوقع مهما كان وعن استعدادي لتقبله. طمأنني فطمأنت بدوري خالتي وعدت إلى البيت. انشغلت خلال يومين بعمل متعلق بدراستي.. كنت اذهب كل يوم لأتحدث مع نور وأمنحها مساج يهدئ من روعها.. لكن كلام الطبيب جعلني أغيب يومين لأغوص في انشغالاتي.
بعد يومين، أزور المستشفى لأجد ابنة خالتي جثة هامدة تتوسد سريرا قرب المرحاض، وأي مرحاض. تخبرني خالتي أن حالتها ازدادت سوء منذ آخر يوم رأيتها وأن سريرها ظل قرب المرحاض يومين كاملين في انتظار غرفة خالية، وأن بعد موتها تم أخد عينات من الدم من كل جسدها وبعض من الماء من عمودها الفقري دون أدنى استشارة. أبحاث علمية تجرى على جسد المريض ككيس نفايات تقتات عليه القطط مستغلة لاوعيه وجهل أولياء أمره. تخبرني خالتي أنها في صباح ذلك اليوم كانت تشتهي أمرين، الحديث معي ووجبة ماكدونالد.. خالتي والدموع تنساب من عيونها تقول لي: كون فراسي غادي تموت كون درت المستحيل نجيب لها هادشي لي بغات.. ماعرفتش.. قلت حتال العشية ياك قالو لنا رآها بخير..". ماتت نور.. في سن يناهز الثالثة والعشرين.. ماتت نور بعد أن أخبرني الطبيب أن كل شيء على ما يرام. حددته بكل صدق وطلبت منه ألا يكذب علي ولم أطلب غير الحقيقة. لو أنه قال لي أن لا أمل في علاجها لبقيت بجانبها.. لحرصت على أن تقضي آخر أيامها في سلم ووئام.. لما غادرت سريرها ولو لدقيقة. أكانت غلطتي أن قررت عدم إدخال علاقاتي الشخصية في الامر.. أكانت غلطتي أن لم اتصل برئيسة المصلحة.. لو فعلت لكان التدخل لضمان حالة نفسية مستقرة لنور على الأقل، لما تم تهميشها والكذب على أهلها، لعوقبت الممرضة التي أخبرت خالتي بالمرض ولما تلقت نور الخبر كالصاعقة مما أدى إلى تعاملها معه بكل عنف. لا أدري هل يجب أن أسامح نفسي أم أسامح رئيسة المصلحة التي لحد هذه الساعة لا أقوى على لقائها حتى، كم الألم والضيق والحزن الذي لا زالت تجلبه لي هذه القصة يحثني على شتمها وقطع علاقتي بها للأبد. لأنها مهملة لمصلحة هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن كل العاملين فيها.
ماتت خالتي بعد اشهر.. كانت قد تطوعت بعد موت ابنتها لتنظيف المساجد وطلب كل المصلين للدعاء مع نور. يوم جنازتها التقي صغار العائلة فيتوجهون لي بالسؤال : " دبا شكون غادي يعطينا الفانيد باش ندعيو مع نور". أم فقدت فلذة كبدها على مراحل.. طوت صفحة من حياتها بميلادها، وضحت من أجلها.. لتصدم بصمام أمانها تعيد نفس المسار الذي فرت منه.. ثم تقبل بلعب دور الممرضة، ثم الأم مجددا.. لتفقدها في سن الزهور، ولا أدري إن كنت قدمت كل ما يمكنني تقديمه لهما أم أنني كنت مقصرة. آمنت ولا زلت مؤمنة أن من حق المواطن أن تحفظ كرامته ويتلقى المعاملة المناسبة بالتساوي.. لكنني أمام هذه القصة أعيد مراجعة مبدئي مرارا وتكرارا.

   القصة تحكيها لي صديقتي "سلمى"، اسألها إن أمكنني كتابتها، فتجيبني بالإيجاب كونها لم تتمكن رغم مضي بضع سنوات من كتابتها. كتبتها هنا بأسماء مستعارة، حفاظا على الخصوصية. أتمنى أن أكون قد وفقت في نقل كل ما أخبرتني به.. وقد أوصلت القصة للقارئ بنفس المشاعر التي حكيت لي بها مباشرة. أتساءل انا الآن عن إحساس كل طبيب، مساعد اجتماعي، ممرض، أب مهمل لفلذة كبده، عائلة تعترف ببناتها فقط حين تصرن موردا للمال بغض النظر عن مصدرها، مواطن مغربي خصوصا، بعد قراءة هذا الألم وهذا الواقع الذي لا زال يحاصر صديقتي ولا تستطيع تجاوزه أو إيجاد مفر منه.

كطالبة طب.. كل خوفي ينصب حول اليوم الذي قد أصبح فيه محايدة أمام معاناة الآخرين، اليوم الذي أتساهل فيه مع الموت، ويصبح الكائن البشري بالنسبة لي كحالة لا كإنسان.. اليوم الذي يموت فيه القلب وتنهار قيم ومبادئ وأخلاق الطبيب ليصبح منحاز للزبونية والمحسوبية و يصبح جوفه خاليا من الأحاسيس والمشاعر. يوم أصبح هذا الشخص.. سأنسحب ببطء.. بأدب.. و بمسؤولية !


فاطمة الزهراء متمسك.

الأحد، يناير 18

أنا رائف بدوي


كم هو مؤلم إحساسك بالغربة. غربة الوطن داخله.. غربة البشر بين أحضانهم.. وغربة الحياة وأنت حي ترزق.
كم هو متعب أن تعيش في محيط وجدت فيه صدفة.. ليكون الانتساب إليه وصمة عار تحملها على جبينك طيلة حياتك.. ناهيك عن المخلفات النفسية منها والمادية من تربية وثقافة مجتمعية وتعليم ومفهوم الحق والواجب.. الخ. الإحساس بالغربة داخل الوطن الذي يفترض أن يحضنك ويكون أرحم حضن لك وأجمل موطن تتواجد به.. أول صدمة تعترض طريقك وتكفي لتحطيم مخططاتك وطموحات الطفل البريء الحالم داخلك.
أسوء من الوطن, إحساس باللانتماء للبشر.. حين يصبح المحدد الرئيسي لقيمة الإنسان إيديولوجيا محضا.. وحين يوكل بعضهم نفسه خليفة لله في الأرض يصنف الناس يمنة ويسرة ويمنح الحق في الحياة لمن شاء وينزعه عمن شاء.. عندما تعيش في وطنك مغتربا سلفا مع شعور بأن الحساب مكلف به محدودو الأفق عديمو الإحساس وبسببه يمكن أن تهدم حياتك للأبد لمجرد محاولتك إصلاح الصدفة التي أخطأتك.. وذنب غربة الوطن الذي لم تقترف..
وما أكثر نماذج الأرحام التي أخطأت اختيار مواضعها.. رائف بدوي نموذج حي حالي يعاني من وطنه وأشباه البشر الذين يطوقون هذا العالم الوحشي. ردة وإساءة للدين الإسلامي ونشر الإلحاد.. كلها تهم زجت به في السجن بالسعودية لتكلفه أفكاره المختلفة عن موكب القطيع والرعاة عشر سنوات سجنا نافذا و1000 جلدة موزعة على كل يوم جمعة “مباركة” لمدة عشرين أسبوعا. نفسها السعودية التي نددت قبل أيام بالهجوم الإرهابي على مجلة شارلي إيبدو بفرنسا.. في الوقت الذي لا يكاد يخلو الحكم الذي أصدرته في حق المدون السعودي من مختلف أشكال الإرهاب النفسي والجسدي ومن العقوبات اللاإنسانية والمهينة.
هذه المفارقة العجيبة.. تجعلك تتساءل حقا عن قيمتك ككائن حي داخل العالم.. عما إذا كان الإنسان أولا أو العلاقات الدولية والمصالح العليا للأوطان.. وعن جدوى هذه الأخيرة إن لم تكن تصب في مصلحة الأفراد المكونين لتلك الأوطان أولا وأخيرا. ستخلص يا صديقي إلى أن الحياة عاهرة توفر خدماتها لمن يجمل صورته ويدفع أكثر.. وأن روحك أخطأت المكان والزمان وحتى الإختيار. أولى بك أن تتوفى قبل ميلادك على أن تعيش مغترب الوطن والبشر والحياة.

رابط المقال على أغراس: http://urlz.fr/20e3

الثلاثاء، ديسمبر 2

علاش حِدَاد وطني رسمي ومحاسبة الدولة!



يبدو أن القمع والاستبداد الذي يعيشه الشعب المغربي يزداد شيئا فشيئا.. فلا يعني أن تعيش حياتك مذلولا خانعا.. أن تسلم في وفاتك لينعم جسدك بشرف العناية والدفن.. ويبدو أن العرف السائد القائل بأن المغربي لا يكرم إلا بعد وفاته قد أضحى في خبر كان..
فبعد #فيضانات_المغرب الأخيرة التي شهدها الجميع والتي ذهب ضحيتها عدد من أرواح هذا الوطن، برهنت الدولة مجددا أن ميلادك في وطن كهذا يعتبر أسوء صدفة تبتدئ بها حياتك.. ليطاردك شبحها إلى وفاتك.. !
تعامل الدولة اللامسؤول واللاإنساني مع جثث الضحايا من جهة، ومع الساكنة التي فقد أغلبها مقرات سكنها والمعزولة في المناطق الغارقة والمهددة بسيول جارفة جديدة.. إضافة إلى رد فعل الاعلام المغربي والذي تميز باستحمار القارئ المغربي وعدم احترام المشاهد، دون الحديث عن تهرب الدولة من المحاسبة يجعلنا نطرح مجموعة من الأسئلة حول صفتنا داخل هرم هذا الوطن، والتي من المستحيل أن ترقى لمرتبة مواطنين أو حتى رعاع.
صرخات أناس فقدوا أغلب أفراد أسرهم، مقر سكناهم ومصدر رزقهم.. ناهيك عن صور هليكوبتيرات تحمل كل من يملك بطاقة هوية تعفيه من الانتماء لهذا الوطن، سهرات القنوات الرسمية الغير مبالية بالحالة المزرية التي آل إليها هدا الوطن المتفرق إلى جزر.. ولا بالحالة النفسية لأسر الضحايا ومتتبعي الوضع الداخلي، ولا الضغط الذي قد يولد انفجارا لدى المواطنين، عفوا ”الرعاع المغاربة”،  دفع مجموعة من شباب الويب المغربي لدق ناقوس الخطر والمناداة بـتحميل الدولة كافة المسؤولية ومحاسبتها على مواقفها المخزية.. ودعوة المجتمع المدني للتحرك ومد يد المساعدة للجمعيات التي لبت نداء ساكنة المناطق المعزولة ثم إعلان حداد افتراضي والدعوة لحداد وطني رسمي لمدة ثلاث أيام..
#فيضانات_المغرب
#حنا_ماشي_زبل


رابط المقال على موقع أغراس: http://urlz.fr/20e0

الثلاثاء، نوفمبر 11

الوطن ألا..

على حافة الطريق الرابط بين وطن يسكننا ووطن يجمعنا.. تضيع آمالنا وأحلامنا تباعا..!
يتساءل غسان كنافي: “أتدرين ما الوطن يا صفية.. الوطن ألا يحدث كل ذلك” ..
الوطن ألا تصير رموزه أكثر قدسية من مواطنيه.. فيسجن شاب لمجرد تعبيره عن ما يجول بخواطرنا جميعا تجاه وطن يعتبرنا رعاعا لا مواطنين.
الوطن ألا ينزل شباب للشارع من خيرة ما أنجبت نساء الوطن.. ليصرخ بحقوق طبقة مجتمعية تعرض بضائعها على “فراش” وتشير إلى العسكري المتجرد من أي حس إنساني لتريه الطريق الذي سلكه أولئك الهاربين من بطشه.. نفسهم المدافعين عنها..
الوطن ألا يستغل السياسيون الدين للترويج لحملاتهم الإنتخابية وكسب تعاطف شعب يرى في كل مستند لمرجعية الله ورسوله صمام أمان ومصدر ثقة.. في الوقت الذي يدرك تماما أنه لا يتعدى كونه كركوزا بيد من يملكون القرار الحقيقي بهذا البلد.. ليبدأ في التخلي عن وعوده الواحد تلو الآخر بثقة في النفس لا متناهية الكبر وجبهة لا متناهية القسوحية..
الوطن ألا تتم خوصصة قطاعاته الأكثر حساسية في الوقت الذي لا تتغير فيه مراتب طبقته الوسطى والفقيرة.. في دعوة صريحة للتضحية بحياة وأحلام مرضى وتلاميذ أولاد الشعب.. تحت شعار “كن ولد سيدي ومولاي أو مت وأنت تحاول ذلك”..
الوطن ألا تنهار أحلام شباب في طور البناء.. لتخلف لنا جيلا من المنهزمين و الإنتهازيين والوصوليين في الوقت الذي كان من المفترض أن يكونوا طاقة المجتمع وعماده..
الوطن ألا تتجند وسائل الإعلام البديلة لإنصاف فئات قدمت كثيرا من التضحيات والمساعدات للشعب كعربون اعتراف وشكر وتقدير.. فتتجند بدورها أقلام طبقة من المثقفين والمتملقين والفاشلين مجتمعيا للضرب في مصداقية الإعلام واتهامه بالإنتهازية والركوب على الأحداث واستغلال أولاد الشعب.. بغية تصفية حسابات شخصية أو اكتساب صوت مسموع داخل رقعة الضجيج التي تخلفها مواقف التواصل الاجتماعي.. و الشهرة المجانية.
الوطن ألا يسألني أحدهم وأنا أعبر عما يخالجني تجاهه: أيهما أولى يا فاطمة: الوطن أم الكرامة؟ مجرد التفكير يا صديقي في ضرورة الإختيار بينهما أمر يبعث على الحيرة والحسرة والألم. وطني هو الذي تحفظ فيه كرامتي. الكرامة أولا صديقي، وأنا وأنت.. لا وطن لنا!

رابط المقال على موقع أغراس: http://urlz.fr/20dW

الاثنين، سبتمبر 22

شيء من العدم و اللامعنى ..



' لم تتمنى الموت صديقي .. والحياة لا زالت تفتح لك ذراعيها لتكتشف المزيد '
حين يبلغ منك اليأس أقصى ما يمكن .. و ينخر الحزن و اللامعنى وجودك .. لتتبدد طاقتك و تصير شحنتك محايدة إلى سلبية .. يكون وقع هذه الجملة كالصاعقة على مسمعك .. و صاحبها كوزر فظ على قلبك وجب عليك التظاهر بأنك تقدر مساعدته و كلماته التي تسعى اساسا للتخفيف عنك .. ربما ..
الواقع أن لم يعد شيء في الحياة مغر بالاكتشاف - بالنسبة لك على الأقل - .. 
جئت للحياة يوما كثمرة حب غالية لطالما انتظرت .. رحب بك الجميع و أغمروك حبا في أيامك الأولى قبل ان يصبح وجودك عادة بل و عبء ثقيل وجب تحمله كفرض عين تسنه قوانين الطبيعة. لتصير تربيتك فيما بعد عبارة عن تسلسل معلومات و حكم و سلوكات متبعة لإرضاء غرور أبوي يريدك جزما أن تصير أفضل منه و أروع من وجد على الإطلاق.
تكبر بعد ذلك لتكتشف أن الحياة تضم عالما غير ذاك الذي حوصرت فيه طيلة طفولتك البريئة .. بين بيت يمنحك من الحنان كل ما هو مادي ملموس مع إهمال واضح للجانبك النفسي و المعنوي - داخل نسق مغربي أصيل - .. و بين مدرسة تضخ في عقلك الصغير معلومات تفرغ تلقائيا مع أول خطوة تخطها خارج الإمتحان .. في دعوة صريحة لفصل وزارة التربية عن التعليم لأن هذا الترابط يجني بشكل واضح عن التربية في سبيل 'اللاتعليم ' ..
العالم المكتشف ليس أقل بؤسا من سابقيه .. قد تجد فيه ظالتك و هوايتك التي كبحت طيلة مسيرتك بين أحضان المعلمة ' الأم ' .. قد يجعلك الإحتكاك المبالغ مع أصناف من البشر تفهم امورا التبست عليك فيما سبق .. قد تغير كثيرا من أفكارك و تسير في رحلة بناء جديدة لها ما لها من إيجابيات و عليها ما عليها من شوائب. تفقد الكثير من أصدقاء طفولتك ' رغم أنك حفظت عن ظهر قلب سابقا ان الصداقة كنز لا يفنى .. ' و تدخل في صراع اديولوجي نتن تتمنى لو أن تفكيرك كان قاصرا لتعيش حياة هانئة تعج حيوية و أملا و نشاطا .. في ظل استقرار عاجز عن حملك تحت عتبة التيه ..
ستفهم أخيرا أن الحياة لعبة كبرى تليق بأصحاب القلوب المدنسة .. أن أساسها مبني على علاقة أخد و رد .. حتى أسمى و أبهى جوهر يحكمها ألا و هو الحب .. محكوم بقانون الثمن و المقابل .. أن العفوية الطفولية باهضة الثمن مكلفة المشاعر متعبة النفس .. أن مواجهة عقليات مجتمع عبد لسيكولوجية المقهورين المكونين له بنية حسنة و فؤاد يسع الجميع سيجعل منك شخصا مثيرا للشفقة؛ أبله التصرف؛ دمدومة .. ستكتشف بعدها ان طيبتك تعود على أقرب الناس إليك لا عليك فقط .. فتتوه بين محاولة إرضاء نفسك و تصنع شخصية مخالفة لك تتصف بشيء من الكبر و التعالي و التحايل في معاملة الآخرين .. ! 
ستجد أخيرا أن جسد الأنثى الذي ولدت فيه عبء كبير عليك وجب تحمله .. أن اكثر المسيئين إليه ليس هو ' المجتمع الذكوري و الرجل الشرقي ' الذي لطالما نظمت به الشعارات و تغنت به الجمعيات و المنظمات و نساء الاحياء الراقية و الطبقات الغنية. بل هن النساء بالدرجة الأولى .. أمهاتنا و حداثيات المظهر و الحريات الفردية فارغات الحس و الكرامة الإنسانية .. و خضوعك أحيانا أنت أيضا لأحكام و قوانين فرضها السياق العام للمجتمع قبل سنوات مضت .. بقيت متجدرة متحجرة في عقليات تترجمها كسلوك طبيعي سليم. 
ستخلص إلى أن العدم أساس الحياة .. و أن ميلادك في وطن هكذا .. يرضعك طعم البؤس منذ ميلادك .. و يضيف لكل ما سبق همه و طموحك لأجله و سعيك لتركه على شكل أفضل و لو قليلا مما وجدته عليه .. ثم يأبى إلا ان يواجهك بمختلف طرق الإحباط لتجر خيبتك بعيدا مؤمنا أنك ولدت ربما في المكان الخطا و الغير قابل للتطور ..!

و بعد ان تكتب كل هذا الكم من اليأس و البؤس و التشاؤم و السوداوية .. و التي تغمرك منذ مدة و لا تجد السبيل لتجاوزها .. ستجد أن تدوينها هو أول السبل للتخلي عنها .. للبس عباءة الأمل و الحيوية و الإيجابية .. دفعة قوية ربما تجعلك تكذب على نفسك مجددا و تخترق معنى لهذا الخراب ..  يدفعك للإستمتاع بالأيام المتبقية من حياتك .. علها تكون أقل مما مضى !

الأحد، يونيو 22

قيل عنه وطن .. !



و انت امل الوطن .. و انت بريق مضيء في سماء بؤس الوطن .. و انت من خيرة شباب الوطن .. و على يدك سيتغير حال الوطن .. و الوطن ينتظرك .. و الوطن يحتاج اليك .. و الوطن بك سيرتقي .. و انت مستقبل الوطن .. و انت وطن وطن وطن وطن ..

انا لا شيء .. اتعبني الوطن .. لم يستوجب علي ان اعطي و اعطي و اعطي للوطن .. و اتعب و اهان و اتشرد من اجل الوطن .. و الوطن لا يهتم لي ولا بي .. و الوطن يغتصبني في كل مناسبة .. و الوطن يحتقر كل افعالي و مخططاتي لاجله .. و الوطن يتربع فوق عرش بؤسه .. في غنى عني و عن كفاحي .. 

اهملتُني و انا لا اهتم الا بالوطن .. 
اهملتُني و انا اتبع كذبة محبوكة الصنع و التسويق ..
اهملتُني و انا اصلا .. لا وطن لي .. !

الثلاثاء، يونيو 17

سراح مؤقت .. فرجة فرح .. :) !




تمر عليك بعض اللحظات .. حيث يبدو كل شيء اسودا .. حيث يصير شروق الشمس و غروبها سيان .. حيث يصبح لقب كائن حي ثقيلا على قلبك .. حيث تبحث عن وحدة فعلية تؤنس وحدة احساسك.
تمر عليك بعض اللحظات حيث يصبح تراكم الاحداث المحزنة و المشاكل المحبطة و الصبر اللامحدود كافيا ليحدث انفجارا نفسيا مدوي الصدى.

و يحدث ان تستيقظ بعدها على خبر ينسيك كل الهم و الحزن .. و يرسم ابتسامة عريضة على قلبك قبل شفتيك .. :)

صباح الفرحة .. صباح السراح المؤقت لانفسنا التي ضاجعت الحزن لاشهر .. صباح استراحة قصيرة من الالم الذي انتزع تذكرة اقامة ابدية على قلوبنا.

صباح سراح مؤقت لمعتقلي 6 ابريل .. !

الجمعة، مايو 23

احقا يموت المناضلون على يد من يقاتلون لاجلهم .. ?!





احقا .. انا بكامل وعيي و قواي العقلية .. اخط تلك المشاعر المتلخبطة و المؤلمة حد التعب على مدونتي ام اوهم نفسي .. ام اعيش حلما او بالاحرى كابوسا زارني ليلا وابى الا ان يفسد حياتي برهة .. كل ما افكر فيه الان .. كيف افلت من قبضته .. خوفا من ان استيقظ 
بعد فوات الاوان ..
احقا يموت المناضلون على يد من يقاتلون لاجلهم .. ?! .. صدق جيفارا. فالموت انواع .. غير ان الموت بمعناه اللغوي تجرد نهائي من الحياة .. مخلفا حزنا لا متناهي الحدود للحظة .. ثم متناقص الشدة في الزمن. اما الانواع الاخرى .. فتجعل الانسان يموت عشرات المرات و يستشعر كل موتة على حدة .. مخلفا نفس الشعور في محيطه و اكثر ..
اتساءل حقا .. و لا ادري هل سيكون قارئي بنفس حيرتي .. شاب في مقتبل العمر .. ما لبث ان غادر تعليمه الثانوي و فرح بشهادته .. يحط رحاله باول سنة و يخطط لمستقبل زاهر ينتظره .. شانه كشان كل طالب مهندس يحمل هم وطنه .. و يامل المساهمة في تطوره  على مختلف المستويات .. شاب حيوي نشيط محب و محبوب .. طاقة ايجابية صاعدة كان ليكون لها شان كبير و تاثير في المجتمع .. و سيكون .. جيل سيخدم وطنه ليودع هذا الاخير المسكين سنوات من التهميش و السرقة و النهب و الانحطاط الفكري و الثقافي و التدهور الصحي و التعليمي .. الخ. يحكم عليه بستة اشهر سجنا نافذا لتضيع اول سنة في تعليمه الجامعي .. مع ما قد تخلفه من تاثير نفسي حاد .. و سابقة تخط على سجله العدلي في اول خطوة خطاها متجاوزا سن الرشد باشهر. و ذنبه .. مشاركة في مسيرة مرخصة في يوم عيد عالمي احتفالي .. بدعوى اثارة الشغب و تحت طلب من النقابات المنظمة و التي نفت الامر فيما بعد .. ! كثرة المكياج .. في الوقت الذي يعتبر الذنب الوحيد و الاوحد و الابدي هو الانتماء لحركة شعبية طالبت يوما باسقاط الفساد و الاستبداد. 
المخزن يصفي حساباته .. و يختار ضحاياه بعناية .. يختار ضحايا يراهن على انه سيكسبهم للابد .. رغم انني لا استبشر له بذلك. فاذا كان العديد ممن رباهم الحبس خرجوا بوجه اخر و افكار اخرى مغايرة .. و اصبحوا يطبلون لجلاديهم .. فمعاذ الحاقد خير مثال على ان شبابنا يرجى منهم الخير الكثير .. معاذ الذي يعتقل للمرة الثالثة على التوالي بجرائم ملفقة بالكيلو .. بيع تذاكر في السوق السوداء و سكر علني و عنف تجاه عناصر الشرطة .. و لا زال الملف يطبخ على نار هادئة بعد ان قدم الشرطي الذي القى القبض على معاذ شهادة طبية مدة عجزها 30 يوما. و كانه تعرض لحادث خطير كسرت على اثره اغلب مفاصله .. و انا التي عهدت معاذ مسالما طيبا لا يجيد الا المدافعة عن نفسه بعيدا عن اشعال نار النزاع مع اي طرف كيفما كان. ذنب معاذ الوحيد انه ينقل واقعا يعيشه بالطريقة الانسب و التي يجيد. اعتقاله في المرة الثانية بسبب اغنية كلاب الدولة لم يمنعه من الصراخ عاليا مباشرة بعد خروجه من السجن و اصداره البوما جديدا منع حفل تقديمه .. يبدو ان الحاقد مكيترباش على ايادي المخزن .. فيخرج اكثر قوة في كل مرة. الراب عموما يخيف من في السلطة .. و حين يكون من الحاقد خصوصا .. فانه يرعبها بشكل تتهور فيه لاتخاد اي اجراء يوقف ازعاجه لها.
التفت للضفة الاخرى و اتساءل .. ام ايوب .. و ذاك الفيديو الذي كلما اعدته اشعر و كانني اراه للمرة الاولى .. ام ايوب و التي لا تملك ابنا غيره .. كيف يمكن ان تستوعب صدمة كهاته .. كيف و انا ارى والدي في سني الواحدة و العشرين ولا زالو يعتبرونني كطفلتهم المذللة رغم انني لست ابنتهم الوحيدة .. كيف .. !!
المخزن يصفي حساباته نعم .. لكنني اراه يحفر قبره بنفسه .. في نفس اليوم .. يسجن ايوب و حمزة و اصدقائهم .. شباب السادس من ابريل .. باحكام تتراوح بين السنة و 6 اشهر سجنا نافذا .. تؤجل محاكمة الحاقد و يتابع في حالة اعتقال .. و يحصل المغني المخزني بامتياز الحاج البيغ على ملايين لاصدار البومه من وزارة اللاثقافة .. ! الضغط يولد الانفجار عزيزي المخزن .. الضغط يولد الانفجار ..
اخيرا وليس اخرا .. اتساءل قبل ان اختم ما قلته و ما لم اقله .. اين اصحاب رابعة و لا للجيش و التضامن اللامشروط مع السوريين و و مسلمي بورما و مساندة ثورة تونس و الشعارات الفارغة مما يقع. ام ان التضامن لا يكون الا مع من لا تمسنا قضيته بشيء .. ام ان التطبيل لبنكيران و جماعته ياتي في مقدمة اي قضية اخرى .. ام ان الحاقد و ايوب و حمزة لا ينتمون لجماعتكم .. ! خسئتم .. !

ان مرت كل هاته الازمات كان شيئا لم يكن .. فتذكروا جيدا اننا سنردد كثيرا فيما بعد .. : اكلنا يوم اكل الثور الابيض .. 

الله يلعن بوها حالة ! 

سمع .. صوت .. الشعب ..