الأربعاء، مارس 5

كائنات الكترونية .. !




اتدري معنى ان تكتب للاخر مقالا تهنئه بمناسبة عيد ميلاده .. و لا تاخد بضع دقائق لترسل له رسالة خاصة او تتصل به على الاقل ..
اتدري معنى ان تترحم على روح احدهم على حائطك دون ان تزور عائلته و تواسي المقربين اليه ..
اتدري معنى ان تنشر دعاء تطلب فيه من ربك امرا .. دون ان تاخد وقتا لتقف بين يديه و تستشعر قليلا من الروحانية و تخاطبه بخصوصية ..
اتدري معنى ان تنشر صورا لاطفال في اعالي الجبال معلنا تضامنك معهم .. دون ان تاخذا وقتا للتفكير في حملة دفء تقيهم برد الشتاء مثلا ..
اتدري معنى ان تزور مكانا .. تنسى ان تستمتع بجماليته .. و تتذكر فقط انه وجب عليك اخد صور لتنشرها على حائطك .. فيعجب بها اصدقاؤك الافتراضيون ..
اتدري معنى ان ياخدك الشوق للالتقاء باحدهم بعد طول غياب .. و ما ان تراه حتى تسارع معلنا الامر على حائطك و متتبعا تعاليق متتبعيك فيما بعد ..
اتدري معنى ان اخرج من بيتي لالتقي بك .. تسلم علي ثم تحدثني عن تعليقي في منشور معين .. عن ما كتبه فلان و ما علق به اخر .. عن شخص سحبك من لائحته و اخر اضافك .. عن نزاعات و صراعات افتراضية ابيت الا ان تجعل منها موضوعا يستحق ان نتطرق له ..
اتدري معنى ان تحب .. فتتذكر حالتك دون ان تتذكر المسؤول عنها .. ان تنشر مقالات في الحب و اشعار و مقطوعات للعموم .. و تنسى ان ترسل كلمة حب خاصة لمحبوبك ..
اتدري معنى ان تستيقظ .. تطل من النافذة ليبدو لك الجو جميلا .. تغلقها و تفتح حاسوبك لتكتب عما رايت و لم تستشعره حتى ..
اتدري معنى ان تخسر اصدقائك من اجل ' جيم ' على منشور ما .. بسبب استهزاء في لحظة ضحك عابرة .. بسبب تضامن ليس الا فايسبوكيا مع عدو لك ..
اتدري معنى ان تكتب عن امك في عيد المراة .. ان تشكر والديك .. اخوتك .. على تصرف جميل .. حفلة ما .. تضحية معينة .. دون ان تاخد وقتا للتعبير لهم هم المعنيين بالامر عما يخالجك و ما خططته لاخرين لا يضيف لهم شكرك لاهلك امامهم شيئا ..
اتدري معنى ان تصبح حياتك متلخصة في حائط .. ان تستيقظ يوما لتجد نفسك فاشل في كل شيء .. الا عدد الجميات الذي تحصده خربشاتك الافتراضية .. و صورك المصطنعة ..
معنى ذلك انك انسان الكتروني .. الة منعدمة الاحاسيس و المشاعر .. رقم مضاف لقائمة الارقام المنسوخة .. تختلف الوانها و اشكالها و اساليب تعبيرها عن نفسها و المكياج الذي تزين به واقعها ... لكنها تشترك في مدى البؤس الدفين .. مدى البرودة التي تتسم به علاقاتها بالواقع .. مدى الحزن الذي تخلفه في نفوس المحبين لها ... و مدى شراسة الشعلة التي تاكل من حياتها يوما بعد 
يوم ...

-- ف.م